أخبار حضرموت

احتجاجات الحضارم من المطالب الشعبية إلى التجاذبات السياسية… من يوجّه غضب الشارع بحضرموت؟(استطلاع خاص)

وكالة الأنباء الحضرمية – خاص:

بين حرارة الشارع وضغط الاحتياجات المعيشية من كهرباء ومرتبات وغلاء، وبين تجاذبات المكونات السياسية وصراع قطبي السلطة المحلية في حضرموت (المحافظ ووكيله الأول، رئيس حلف حضرموت)، تتواصل حلقات المشهد المعقد في أكبر محافظات اليمن مساحة وثروة. الاحتجاجات التي انطلقت بعفوية خدمية، تحولت تدريجيًا إلى ساحة خلاف حول من يقودها ومن يستثمرها، فيما يبقى المواطن الحضرمي عالقًا في الدوامة.

الشارع الحضرمي… صوت عفوي قصير النفس

الناشط محمد مصطفى بامخرمة يرى أن الاحتجاجات الأخيرة “شعبية بحتة لا تقف خلفها مكونات سياسية، هدفها تحسين الخدمات فقط، دون أجندة لإسقاط مسؤول أو نظام”. لكنه يضيف أن عشوائيتها وغياب التنظيم يجعلانها قصيرة النفس: “تبدأ قوية ثم تخبو سريعًا، لأن السلطة تراهن على إنهاك الناس بالأزمات المعيشية، من طوابير الغاز إلى البحث عن لقمة العيش”.
ويشير بامخرمة إلى أن القوى السياسية تستغل هذه المسيرات لزيادة حضورها، بعد أن فقدت ثقة الشارع نتيجة فشلها في تحسين الأوضاع.

من الكهرباء إلى صراع النفوذ

الناشط السياسي إلياس بكير يوافق على أن الانطلاقة كانت خدمية: “بعد إعلان أن المكلا ستصبح في ظلام دامس بخروج منظومة الكهرباء، خرج الناس يطالبون بإنقاذ الخدمات”. لكنه يلفت إلى أن المشهد تغيّر لاحقًا: “في الآونة الأخيرة برز بشكل واضح الصراع على السلطة والنفوذ في المحافظة، فتحولت الاحتجاجات إلى وسيلة للتوظيف السياسي”.
ويضيف أن بعض المطالب تتجاوز قدرات السلطة المحلية، ما يجعلها بين الممكن والمستحيل، ويؤكد أن القوى السياسية تحاول في كل مرة الاستثمار في غضب الشارع لصالحها.

انتفاضة ممتدة منذ عقود

الإعلامي والباحث أحمد بن زيدان يقرأ الاحتجاجات في سياق أطول مدى: “الشارع يرى فيها انتفاضة سلمية لانتزاع حقوق مشروعة مسلوبة منذ 1967م، وتفاقمت بعد 2011م ثم زادت سوءًا بعد انقلاب الحوثيين”.
ويصف دوافعها بأنها خدمية وحقوقية بالدرجة الأولى، مرتبطة بانهيار العملة وتأخر الرواتب وتردي الخدمات الأساسية. لكنه يحذر من أن بعض الأحزاب “ركبت موجة هذه الانتفاضة واستغلتها لأجنداتها الضيقة”.
ويقترح ابن زيدان حلولًا جذرية عبر تدخل حكومي مباشر، بدعم من التحالف، وتشكيل “مجلس حكماء” من أبناء حضرموت لإدارة الأزمات ووضع خطط طويلة الأمد.

ضرورة لمواجهة الفساد

أما الباحث السياسي حسن بن عبيدالله فيرى أن الاحتجاجات لم تعد خيارًا، بل صارت ضرورة لوقف استنزاف موارد المحافظة: “الاحتجاجات ضرورة لإيقاف عبث شبكات الفساد التي لا تقدم شيئًا للمواطن”.
ويحدد دوافعها بثلاثية متداخلة: اقتصادية، سياسية، واجتماعية، مؤكدًا أن الحل يكمن في إطلاق مشاريع خدمية ومعيشية جديدة ملموسة الأثر على حياة المواطنين.

رد فعل غاضب بلا بوصلة واضحة

الباحث الحقوقي أبوبكر حسان يصف المشهد بأنه “رد فعل غاضب على انهيار منظومة الخدمات، خصوصًا الكهرباء، ونتيجة طبيعية للفساد وغلاء الأسعار”. لكنه يلفت إلى أن “المكونات السياسية سعت سريعًا إلى ركوب الموجة وادعاء تبني الشارع، مما أضعف صدقيتها وأدى إلى حرف مسار الاحتجاجات”.
ويحذر حسان من أن غياب بوصلة واضحة يشتت الغضب الشعبي: “لو حدد الشارع المتسبب الأول في هذه الأزمات لكان الضغط أكثر فاعلية. لكن التخبط أضاع الهدف، وأدى إلى أعمال فوضى وتخريب انعكست سلبًا على قبول الناس للاحتجاجات”.

وبين هذه العناصر، يبقى المواطن الحضرمي عالقًا: يتظاهر من أجل الكهرباء، المرتب، والدواء، فيما تتحول آماله البسيطة إلى مادة تجاذب أكبر من طاقته. والسؤال يظل معلقًا: هل تنجح حضرموت في تحويل هذا الغضب إلى إصلاح فعلي، أم تظل الاحتجاجات مجرّد دائرة مفرغة في صراع لا ينتهي؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى