مقالات وكتابات

بين الريال والتاجر… المواطن هو الضحية!

(#وكالة_الأنباء_الحضرمية) الأحد 22/يونيو/2025م

بقلم / عبدالله حسن قاسم

في كل مرة يتدهور فيها سعر صرف الريال اليمني، يقف المواطن في مواجهة موجة غلاء جديدة، يدفع ثمنها وحده، كما لو كان هو من أدار عجلة الاقتصاد نحو التراجع. التجار، بحجّة فارق الصرف، يسارعون إلى رفع أسعار السلع بلا هوادة، متجاهلين أن هذا المواطن هو ذاتُه الذي ما زال راتبه يُصرف بالعملة المحلية، إن صُرف أصلًا.

المفارقة المُرّة أن تعافي الريال — حين يحدث — لا يُقابله أي تعافٍ في الأسعار، ولا نلمس انخفاضًا يخفّف العبء عن كاهل الناس، بل العكس تمامًا؛ يستمر التجار في تسويق نفس الحجج، متذرعين هذه المرة بعدم “استقرار سعر الصرف”، وكأن ارتفاع الأسعار بات خطًا لا رجعة فيه، بينما انخفاضها يتطلّب إذنًا غير متاح!

في غياب أي رقابة جادة أو ضوابط حقيقية، يُترك السوق مفتوحًا أمام جشع لا يرحم، ومسؤولين لا يُبالون، ومؤسسات تفتقد لأبسط معايير حماية المستهلك. المواطن — البسيط بطبيعة الحال — يجد نفسه وسط دوامة من التلاعب، بين عملة تترنّح، وتاجر لا يشبع، ودولة عاجزة عن التدخل أو ربما غير راغبة.

تسقط الأدوار، وتتلاشى المسؤوليات، ويبقى المواطن هو الحلقة الأضعف: مكشوف الظهر، مثقل الهمّ، يُطارد لقمة العيش في سوقٍ لا يعرف من العدل شيئاً، ويصحو كل صباح على أسعار جديدة، وكأن الأزمات لا تكفيه.

في بلدٍ تفتك به الأزمات السياسية والإنسانية والاقتصادية، يصبح من الظلم أن يُحمّل المواطن وحده تبعات انهيار لا يد له فيه، في حين تتحصّن “الأسماك الكبيرة” داخل مصالحها، تحكم قبضتها على السوق، وتغتني من عرق الضعفاء.

أليس من العدل أن يُربط ارتفاع الأسعار بانخفاض العملة، لكن بالمقابل يُلزم التاجر أيضاً بخفضها مع أي تحسن في قيمة الريال؟ أليس من الإنصاف أن يكون هناك جهاز رقابي فعّال يحمي المواطن من هذا التوحّش الاقتصادي؟

لكن إلى أن يحدث ذلك، سيبقى هذا المواطن — كالسمكة الصغيرة في بحرٍ مفتوح — طريدة سهلة، تتنازعها أسماك القرش، في وطنٍ نُسي فيه الضمير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى