احياناََ يكون ديكتاتور الشعب هو الشعب نفسه..! (١)

(#وكالة_الأنباء_الحضرمية) الأحد 19/أكتوبر/2025م
كتب / عبدالرحمن علي باضاوي
ليس دائماََ يُفرض الديكتاتور من فوق ، بل بعض الاحيان يصنع من تحت ويخبز على يد الشعب ، لقد أعجبتني هذة العبارة التي سمعتها من أحد هواة القراءة والنقد ، وعندما سمعتها للمرة الأولى شدت أنتباهي والعبارة تقول ( أحياناََ يكون ديكتاتور الشعب هو الشعب نفسه)، وبقيت أفكر فيها لبقية اليوم ، قلت لنفسي كيف يكون الشعب ديكتاتور نفسه ، وكيف لشعب يريد ان يحكمه نظام لا يرغب به ، وفي خلال هذة الشبكة المعقدة من الأفكار و من التناقضات وصلت الى نتيجة تثبت صحة هذه العبارة مثل ما أدعي …!
اولاََ الجهل الحاضنة الأولى للإستبداد
لطالما كان الجهل البذرة الأولى لشجرة مشكلات المجتمع ، فالشعوب التي تجهل نعمة الحرية والتعبير عن الرأي والمشاركة المجتمعية ، تبقى رهينة للإستبداد والطاعة العمياء التي قد تضر بمصلحة الشعب وهو يعلم ذلك ، الجهل ليس مجرد غياب للمعرفة بل هو غياب للقدرة على التمييز بين الحق والباطل ، وبين الحرية والعبودية ، حين يفتقر الشعب إلى الوعي السياسي والفكري ، يصبح أكثر استعداداََ لتصديق الأكاذيب وتبرير القمع ، فالشعوب الجاهلة لا تساق بالقوة فقط ، بل تساق بالخطاب العاطفي والشعارات الفارغة التي تخدر العقل وتميت السؤال ، وهكذا يتحول الجهل إلى الحاضنة الأولى التي ينمو فيها الديكتاتور، لا كفرد فقط بل كفكرة تجد من يؤمن بها ويدافع عنها..!
ثانيا التطبيل والدعاية ( صوت الشعب ضد نفسه )
حين يفقد الناس قدرتهم على التمييز بين الولاء للوطن والولاء للحاكم ، يتحول التطبيل إلى وسيلة لخنق الحقيقة ، فبدل أن يكون الإعلام صوتاََ للشعب، يصبح أداة لتزييف وعيه ، (وانا هنا لست أعني جهة معينة بحد ذاتها ، انما أتحدث عن جوهر الفكرة من المنظور العام ) يصفق الناس لكل قرار ويبررون كل خطأ ، وكأنهم يخافون من الاعتراف بأن السلطة قد تخطئ ، وهكذا يصبح الشعب نفسه جداراََ يحمي الديكتاتور من النقد، وجيشاََ من الأصوات التي تدافع عن الظلم باسم الوطنية ، في هذه اللحظة لا يحتاج الطاغية إلى سجون كثيرة ، لأن جمهوره يفعل ذلك نيابة عنه…!
وهنا ندرك أن الديكتاتور لا يأتي دائما من فوق ، بل قد يصنعه الناس من تحت بجهلهم وصمتهم وتصفيقهم وتبريراتهم ، إنه انعكاس لصورتهم في المرآة ، لكن هذه ليست النهاية إنما محطة أولى فقط ، فسأتطرق في مقال آخر إلى المحاور الأخرى ان شاء الله التي تكمل الصورة ، كضعف التعليم والتساهل الثقافي وازدراء العلوم الإنسانية لنرى كيف تتشكل الديكتاتورية جماعياََ، لا من حاكم فقط بل من شعب بأكمله..!